سوريا في القرن العشرين: من الانتداب الفرنسي إلى الاستقلال
سوريا في القرن العشرين: من الانتداب الفرنسي إلى الاستقلال
شهدت سوريا خلال القرن العشرين تحولات جذرية شكّلت هويتها الحديثة، بدءًا من نهاية الحكم العثماني، ومرورًا بفترة الانتداب الفرنسي، وصولًا إلى الاستقلال وإرساء دعائم الدولة السورية الحديثة. كان هذا القرن مليئًا بالنضال السياسي والتغيرات الاجتماعية الكبرى.
نهاية الحكم العثماني وبداية الانتداب
مع نهاية الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية عام 1918، دخلت القوات العربية بقيادة الأمير فيصل دمشق، وأُعلن عن تأسيس المملكة العربية السورية المستقلة عام 1920. لكن هذا الطموح لم يدم طويلًا، إذ تم إخضاع سوريا للانتداب الفرنسي بموجب اتفاقية سايكس-بيكو وقرار عصبة الأمم.
في عام 1920، هزمت القوات الفرنسية الجيش السوري في معركة ميسلون بقيادة يوسف العظمة، وبدأت مرحلة جديدة من السيطرة الأجنبية.
فترة الانتداب الفرنسي (1920–1946)
فرضت فرنسا حكمها على سوريا، وقسمت البلاد إلى كيانات إدارية منفصلة (دولة دمشق، دولة حلب، دولة جبل العلويين، دولة جبل الدروز، إلخ)، بهدف إضعاف الشعور القومي والوحدة الوطنية.
رغم القمع، لم تهدأ روح المقاومة، حيث اندلعت عدة ثورات شعبية أبرزها:
الثورة السورية الكبرى (1925–1927) بقيادة سلطان باشا الأطرش، والتي كانت ردًا مباشرًا على السياسات الفرنسية التعسفية، وشملت معظم المناطق السورية.
تنامت الحركات السياسية القومية، وتأسست أحزاب وطنية مثل الكتلة الوطنية التي لعبت دورًا كبيرًا في النضال السلمي والدبلوماسي ضد الانتداب.
النضال من أجل الاستقلال
في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، بدأت فرنسا تواجه ضغوطًا داخلية وخارجية، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، للموافقة على استقلال سوريا. قامت فرنسا بمحاولات لتأخير الانسحاب، لكنها واجهت احتجاجات داخلية متصاعدة وضغطًا دوليًا، خصوصًا من بريطانيا والولايات المتحدة.
في عام 1941، أعلنت فرنسا "من حيث المبدأ" استقلال سوريا، لكن الوجود العسكري الفرنسي استمر حتى عام 1946.
الاستقلال وبناء الدولة
في 17 نيسان 1946، غادرت آخر القوات الفرنسية الأراضي السورية، وأصبح هذا اليوم يُعرف بـ عيد الجلاء، وهو اليوم الوطني الذي يحتفل به السوريون سنويًا.
بعد الاستقلال، دخلت سوريا في مرحلة بناء مؤسسات الدولة الحديثة، وشهدت حياة سياسية نشطة، رغم عدم الاستقرار بسبب سلسلة من الانقلابات العسكرية بدءًا من أواخر الأربعينيات.
إرث القرن العشرين
جسّد القرن العشرون في سوريا صراعًا بين الهيمنة الأجنبية والرغبة العميقة في الاستقلال والسيادة الوطنية. تركت هذه الفترة تأثيرًا عميقًا على الهوية السياسية والاجتماعية السورية، ووضعت الأسس لما سيأتي لاحقًا من أحداث سياسية بارزة في النصف الثاني من القرن.